Friday 4 October 2013

مذكرات بطلة

البطولة اليوم تختلف، دورى فيها غير كل الأدوار التى عشتها مع أبطال القصص التى قرأتها أو حتى الأفلام التى شكلت من روحى روح ، أحقاً النهايات السعيدة هى جزء من خيال المؤلف؟ و هل لى أن أسأل عن النهاية و أنا فى بداية السرد؟ الحياة مبهمة و المصائب متكالبة ، و لكن اغلب الناس لا يشعرون بمصاب العاطفة ! فطالما هناك طعام، ملبس، مسكن فأنت فى أحسن حال، هم لا يشعرون بمن هو مثلى وهب قلبه للخيال فانقلب به الحال.


أتذكر يوم ما لمح بعينى الاعجاب،جاوبنى بنظرة لامعة و كأنها لمعة حب،دخل القلب برقته و وسامته، و دخل العقل بمركزه المرموق و بحديث أمى الذى لا يعرف من الكلام غير كلمتين "عريس" و "زواج" ، إنها اللحظة التى تمتلك فيها المرأة كل شئ..اللحظة التى تشعر فيها بأنها أهم من فى الأرض..كلمة "بحبك" التى تحول صحراء الفراغ العاطفى إلى روضة من الحب, و تجمع العقل و القلب فى كيان واحد اسمه "حبيبى"، فطالما عشت هذه اللحظة فى خيالى معه، حتى وجدت نفسى بحرارة لم أدركها من قبل انثرها فى وجهه كالعبير "بحبك" و انا اسمع صوت أمى فى رأسى يقول "يا خيبتك انتى اللى رايحة تقولى له بحبك" !
لا أنكر ان لحظتى كانت باهتة عندما جاوبنى المشاعر و قالها "و انا كمان" ادركت حينها ان من يقول ان الحب يجب ان يأتى من الرجل أولاً لم يكن مخطئاً، و لكنى عشت الفرحة كما تمنيت أن اعيشها، فقد انتهى عذابى بقربه ستة أشهر دون تصريح منه، لم أصبر على تلميحاته أو نظراته بلا وعد.
لا استطيع ان اصف رعشتى عندما استقبل مكالمة واردة منه، لم أشعر بهذا لا فى مراهقتى و لا فى حبى الأول، كان دائماً يشعرنى انى "بطلة" فأنا الفتاة التى تستمع لذكرياته و تفهمه جيداً, صداقتنا فى ستة أشهر جعلته يتأكد انى سيدة قلبه بلا منازع, فمن سبقونى إلى قلبه لسن أكثر من عرائس للمتعة أما أنا بحق بطلة حياته التى حررته من شباك الطيش و فضول المعرفة بالنساء.
"انا صريح معاكى" كانت هى المفتاح السحرى لإسعادى عقب كل شئ محرم من ماضيه الأسود, حتى جاء اليوم الذى لم يتحدث معى فيه "لماذا؟" لا يرد على رسائلى او حتى الفيسبوك، كل شئ يتحول إلى الأسوأ فى لحظة ,طاردته حتى فتح لى بابه المغلق بمفتاح صراحته السحرى، و اعترف لى انه امضى ليلة مع آخرى، تهت فى الأفكار و الهواجس اللعينة فهل هو طبعه الذى لن يتغير؟ صبرتنى صراحته لأنى اصبحت أريد أن اصبر، فلا طاقة لى ببعده و كذلك فصراحته كانت لى خير دليل على انى الوحيدة التى تشارك القلب و الجدان.
زهور الفجر جاءت للإعتذار, إذ فاجئنى باتصال فهو قريب من المنزل يريد أن يرانى، كان الأمر مستحيلاً فى عقلى الصغير و لكن كان مسيطراً على قلبى النابض المتلهف للقائه، جدى و جدتى بالتأكيد فى نوم عميق فبعد صلاة الفجر و تناول الدواء يذهبا فى نوم عميق، فقد اعتدت الحال منذ عشرة أعوام عندما تزوجت أمى و تركتنى مع والديها أسوةً بأبى الذى فعلها من قبلها بسنوات.
"انت مجنون"
-"مجنون بيكى و بس"
صعد الى الشقة و دخل خلسة إلى غرفتى , و استقر بنا المجلس على الفراش، عبارات و همسات و ورود ذوبتنى فى كأس من السعادة و الهناء ، تكلمنا كما نتكلم دوماً لا شئ جديد غير رفضه الحديث عن ليلة خيانته لى التى رفض ان اسميها خيانة‘ فهذه هى احتياجات كل شاب التى إن لم تتحقق بالزواج حققها هو بنفسه، و عن الزواج فهو لى من نصيب قلبى الكبير و عقلى الراجح الذى يتحمل حماقاته ...احساس البطولة لا يقاوم!
اصبحت زيارة الفجر شئ مقدس فى علاقتنا انتظرها كالعيد ، أما قبلة الصباح التى ننهى بها الحديث صارت أجمل لحظة فى عمرى التى تمنيت ان يتوقف الزمن بعدها..لا حركة و لا منى، فكل شئ بين يدى.
و وجدت نفسى بعدها بأسابيع انساب بين يديه..انساب و انسكب على الفراش كأمواج تكسو الرمال، اندفاعى نحوه كان جنونياً ، بينما هو كان ينظر نظرة المنهمك فى عمله، بمنتهى الدقة و التركيز يوقظ انوثتى من ثبات عميق، كما ايقظ باهتمامه بى طفلة سماها هو "بطلة" !
و بعد اسابيع معسولة المذاق، صارحنى انه مدين لى بفضل عظيم فمنذ ان مارس العلاقة معى، توقف عن كل نزواته و اصبح قلبه معلق بى، دبت فى روحى سعادة جديدة تفوق سعادة اللقاء، و حدثته مازحة عن عريس حدثتنى أمى عنه، فرد على تلقائياً "ربنا يبارك لك انتى تستاهلى كل خير"
فهل هى دعابة ام اختبار لعاطفتى التى لم تعد تتحمل الاختبارت؟
"كان فى من اللى عرفتهم كتير متجوزين عادى, اتجوزى و هنتقابل الفجر بردو"
و بالرغم من يسر حاله المادى فكان عائقه ( الذى يديعه )عن الزواج هو رغبته فى تجديد السيارة و شراء منزل اكبر، كل شئ اصبح اسود فى غمضة عين فأدركت انى لست البطلة الوحيدة فى حياته، فهناك اكثيرات قبلى و الأكثر معى فى نفس الوقت و مازال فى انتظاره كثيرات، كان رد فعلى الطبيعى ان انهره و اطرده من المنزل "براحتك انتى الخسرانة" هكذا كان جوابه السهل الذى ذبحنى، فأدركت انى "سهلة" و ياله من احساس تدركه من كانت عذراء منذ زمن قريب!
شهور عشتها فى جحيم احلام المنام و احلام اليقظة، ارى كل شئ يتكرر، لا اطيق البيت و لا فراشى اللعين، لا اذهب الى عملى، و كلما ذهبت إلى حضن جدتى لأحتمى بها من نفسى أشعر بطعنات الذنب فأنا التى لوثت بيتها الطاهر، الجميع مذهول بنقصان وزنى الملحوظ و شحوبى من بعد حمرة و حياة، و انا لا املك ان اعترف كى ارتاح، فلمن و كيف اعترف؟ انا فى حرج حتى لكشف عورة ذكرياتى لطبيب نفسى.
أنا اول إمرأة فى العالم سعيدة بسقوط شعرها...شعرى الأسود الكثيف يتساقط يتحول تدريجاً من ليل ساحر إلى نهار من صلع لامع، يتساقط بجنون يفوق جنون حبى و رغبتى..يفوق جنون أفعالى...يفوق نجاستى ! أعلم انها حالة نفسية بشعة و لكن أرى فيها نوع من العقاب الإلهى المصغر على خطأ فادح، أرى فيها نوع من جلد الذات، و كل الأنواع تؤدى إلى راحة، ربى فأنا بانتظار أشكال و ألوان آخرى من العذاب حتى ارتاح، لا أريد فى الحياة أن اتقدم اريد فقط أن تجلدنى الآيام، لا أريد ان أكون بطلة فكفانى بطولات !

5 comments:

  1. شكرا جزيلا و ان شاء الله تفضل القصص عند حسن ظنك دايما

    ReplyDelete
  2. القصص دى من تأليفك ؟ لو اوكى - ليه مش بتفكرى تجمعيها فى كتاب مثلا

    ReplyDelete
  3. الصورة كمان جميلة وفيها حاجه من القصة - فعلا حسن اختيار

    ReplyDelete
  4. اه من تأليفى، و فعلا نفسى اجمعهم فى كتاب بس موضوع النشر صعب و مش سهل بس انا شغالة فى الموضوع ده

    ReplyDelete