Wednesday 27 June 2012

عندما سأل الطرطور

كغيره من الطرطير، مخروط الشكل، مدبب الطرف،له شراشيب علوية مختلفة الالوان ما بين الاسود و الاحمر و الابيض، و فى احد الآيام شعر هذا الطرطور بالملل، فطلب من سيده ان يرسل له من يرفه عنه، فأرسل له سيده من يغنى له، و لكن لم يذهب عنه الملل، فأرسل له سيده من يرقص له، و ايضا مل الطرطور كل الراقصات و الراقصين، فطلب الطرطور من سيده ان يرسل له احدا لا يعرفه ليتحدث معه فقد سئم كل من يعرفهم او من يعرفه، فأرسل له سيده غلاما يدعى عصام.
الطرطور: ما وراءك يا عصام؟
عصام: ارسلنى سيدك للترفيه عنك
الطرطور: و ماذا تجيد من فنون الحياة؟
.عصام: على قدر كبير من المعرفة بالماضى و الحاضر 
الطرطور: و ماذا عن المستقبل؟
.عصام: استطيع ان اتنبأ ببعض من احداثه
الطرطور: و لماذا لم تخبرنى بهذا قبل ان اسأل؟
.عصام: امرنى سيدك الا احدثك عن المستقبل فليس لك من امر المستقبل شئ
الطرطور: ماذا تعرف عنى؟
عصام: الطرطور فى اللغة هو الرجل الدقيق الطويل، و فى الملابس هو قلنسوة مخروطية الشكل دقيقة الرأس، و فى الاطعمة هو نوع من المقبلات يتخذ من الطحينة و الثوم و الليمون.
الطرطور: و هل لى تاريخ؟
.عصام: نعم، كنت لباسا لبعض مماليك مصر
الطرطور: و من هم المماليك؟
عصام: انهم مجموعات من الرقيق تم تدريبهم ليكونوا جنودا و فرسانا، اول من استخدمهم كان الخليفة المأمون، و من بعد ذلك تشجع كثير من الحكام و رجال الدولة على شراء المماليك.
الطرطور: لماذا؟
عصام: لانهم كالجيوش الخاصة، يشتريهم سيدهم و يدربهم على القتال ليصبحوا جيشه الخاص و كذلك مجموعته الخاصة التى تهتف له 
و تمجده.
الطرطور: و ماذا كان مصير المماليك؟
عصام: وصلوا الى الحكم فى الكثير من البلدان و من بينها مصر , الى ان انتهت دولتهم بها فى عهد السلطان العثمانى سليم الاول فى عام 1517 م, و تمت إبادتهم جميعا فى مذبحة القلعة على يد الحاج محمد على باشا والى مصر فى عام 1811 م.
الطرطور: و هل يموت الطرطور؟
عصام: لا, بل يعود الى الرفوف و يستبدله سيده بطرطور آخر.
الطرطور: و متى يُستبدل الطرطور؟
عصام: عندما يكره الناس منظره يستبدله سيده بآخر.
الطرطور: وكيف يحمى الطرطور نفسه من شر الإستبدال؟
عصام: ان يجعل الناس تحبه و تطلب من سيده الا يستبدله, و لكن حينها سيفقد وظيفته كطرطور و ربما انقلب سيده على الناس او اكثر الظن ان ينقلب الناس على سيده.
الطرطور: و هل سيستبدلنى سيدى يوما ما؟
عصام: لا.
الطرطور: لماذا تحدثت عن المستقبل و قلت انك لن تحدثنى عنه؟
عصام: لانه ليس مستقبل الآن, بل هو حاضر, فسيدك لن يستبدلك بل سيقتلك.
الطرطور: ماذا؟؟
عصام: امرنى سيدك ان اقتلك ان سألت و انت لم تكف عن الاسئلة منذ ان رأيتنى, فحياة الطرطور تنتهى ان سأل.
الطرطور: و كيف ستقتلنى؟
عصام: سأقسمك نصفين.
الطرطور: بالعرض ام بالطول؟
عصام: بالطول.
الطرطور: هل ممكن ان تفسمنى بالعرض؟
عصام: إذا قسمتك بالعرض ستظل طرطور و لكن اقصر , و هذا هو ما تريد ايها الطرطور,اما بالطول فستنتهى حياتك للابد, فهل عرفت الآن لماذا تنتهى حياة الطرطور إن سأل؟
و تم شق الطرطور طوليا و جاء سيده بطرطور آخر.

No comments:

Post a Comment