Tuesday, 9 April 2013

ورثة ست

حكاية من الواقع و لكن فى قمة الخيال, فى رصد أسخف عصور الكرة الأرضية فى عامها ال2013.

(1) مقدمة من أعماق الذكرى...
الحديث أبسط من أن نستهله بسرد اسطورة إغريقية عن صراع الخير و الشر, فدائماً أرى أن مراقبة الأطفال تأتى لنا بأسرار الكون و البشر بأسهل طريقة و أعمق إحساس, ففى مشهد بسيط لطفل يمسك لعبة جميلة و حوله أقرانه من الأطفال, فسنجد من مهنم يتودد إليه ليلعب معه باللعبة الجميلة, و سنجد منهم من ينظر إليه بغبطة, و بالتأكيد سيأتى الزمن الجائر بالطفل الأجرأ على الإطلاق الذى سيحاول أن يخطف اللعبة من يد صحابها, و ربما يفشل و غالباً ما ينجح.
هذا هو حال البشر فاللعبة فى يد الطفل كالنعمة فى يدك, و من الآخرين من يعرفك من أجلها, منهم من يحسدك عليها و يا ويلولنا جمعياً ممن يخطفون !

(2) لعلكم تعبدون
الظلام محيط, منظره كئيب, ذقن غير حليقة و شعر كغابات افريقيا, يتابع زوجته و هى تستعد للرحيل, تحزم الأمتعة و تتمم مع حارس العقار ترتيبات حمل ما تملك من متاع الشقة, سيأتى سائق النقل بعد قليل لينفذ قرار الإزالة لما بينهما من حياة, المشهد لا يوحى بالأمل إلا فى نقطة واحدة, و هى الكتب التى لم يعلوها شبراً من تراب, مازالت نظيفة و إن أهلكها البحث و الدرس, فلم يفترسها العفن.
جلس صامتاً شاهداً على "طليقته" و هى ترحل كما يشهد ابو الهول علينا و نحن نهين تاريخنا, ما أصعب أن تكتشف أن أحبك شخص من أجل سبب و فور إنتهاء السبب ينعدم الحب حتى تنقطع بينكما أسباب الرحمة الإنسانية, تزوجها لأنه أحس منها الحب, و لكن فور أن اظهرت له الدنيا وجهها الحقيقى من الجحود , أيقن منها الغدر, إنه كميائى عالم بارع, عاش مطلع شباب ناجح و يعيش الآن كهولة يائسة, فقد حوله أعداء النجاح إلى مسخ فرانكشتين الذى يريد الإنتقام من الجميع, سرقه أستاذه فى بحثه, و جاءت من ادعت عليه أنه يراودها عن نفسها, و جاء فى هذه الظروف العصيبة من أقنعه بشراكة تجارية أكله فيها اكلاً, يبدأ واحد فقط بالمصيبة ثم يتكالب الجميع على الضحية, لا يهم الآن ما حدث و لكن المهم ما سيحدث ...
"لا بد من الإنتقام, و لكن كيف؟ كيف سأستطيع أن أهزم كل هذا الشر؟ ليس لى فى الشر خبرة, و ليس لى على النجاح قدرة طالما شوكة الظلم فى حلقى شامخة لا تستسلم لما عندى من إيمان أو عمل...إيمان, نعم إن جعلتهم يعبدون سأنتقم...لابد أن ينام الجميع."

(3) شهر النوم
قالها حكيم أن فى نوم الظالم عبادة, و هكذا قرر العالم, عكف على إختراع عقار للنوم من يأخذه ينم لمدة شهر, فإن نام الظالم سيأتى من يفتك به, إذا كان الطيب إن نام هلك, فما بلك الظالم صاحب صحيفة الجرائم الإنسانية و ما له من ضحايا فى إنتظار هذه الفرصة, فقد أعطى العقار لزوجة أستاذه الذى سرقه لتدسه له فى الطعام, يذكر أن الزوجة رحبت بالفكرة و بعد أسبوع من نوم الظالم "الأستاذ" رماه ابنه فى النيل, و ذكرته الصحف انه تغيب منذ أسبوع كما قال أهله, أما من أكله فى التجارة, اعطى العقار لمحاميه الذى نهب كل سرقاته و ترك البلد بما فيها, ليستيقظ اللص بعد أسبوع حيث نجح فريق طبى فى إنقاذه  ليجد نفسه فى مصحة أمراض عقلية لأنه لم يحتمل أن يسرقه أحد بعد هذا السجل الإجرامى المشرف, أما من افترت عليه كذباً و اتهمته فى شرف مرؤته, لم يجد من يريد لها العبادة "النوم" و لكنه وجد عندها خادمة أخذت "المعلوم" و لملمت الشقة بعد نوم مخدومتها, و العجيب أن هذه السيدة كانت جارته و كان يشهد أنها تعامل خادمتها جيداً, و عندما سأل خادمتها عن سبب كرهها للسيدة, أجابت بمنتهى الفطرة: "كان كتير عليها اللى هى فيه, ليه ما ابقاش انا الست و هى الخدامة؟"
فلمّا رأى العالم ما فعل و جد انه استبدل أشرار بأشرار غيرهم, فإن الأسطورة الفرعونية انتهت بموت "ست" إله الشر عند الفراعنة, و لكنها لم تسرد لنا ماذا فعل ورثته؟ فالجميع ورثة ست ....

No comments:

Post a Comment