كنت أتمنى أن يلهمنى الله صياغة لهذه الفكرة فى شكل قصة قصيرة كعادتى فى محاولة التعبير عن الأفكر التى تزور رأسى, و لكن هذه الفكرة فرضت نفسها على هوامش كتاباتى فى صورة مقال, لأنها موضوعية بعيدة تماماً عن آلام المتحرشين و صرخات المتحرشات بهن, و لا تخلو قصة من العنصر الإنسانى و لكن ربما يخلو المقال من الشعور لنتحدث فى المعقول.
نطرح التساؤلات عندما نشاهد فيلم عربى قديم ربما فى الخمسينات او الستينات, لنرى نجمات السينما المصرية يرتدين الثياب المكشوفة بمنتهى الرقى و الأناقة, و تزداد التساؤلات عندما نسافر خارج المنطقة العربية لنرى عاريات فى الشوارع بلا تحرش
حتى بالبصر, و يأتى السؤال صريحاً مباشراً ... ليه عندنا فى مصر تحرش؟
لا داعى فى خوض حوارات: الغلاء, الفقر, الظروف الإقتصادية نهاية إلى عبارة "الشباب تعبان", فمن المتحرشين الأغنياء و المتزوجين و لا علاقة للصفات السابقة بهم, لنأتى إلى نقطة ثانية "عهد مبارك منه لله" لنعود بشكل أو بآخر للعجز الإقتصادى, و الخروج من هذه النقطة جاء لى من حكاية قصتها علىً أمى, فقد رأت مشهد تحرش واضح و صريح فى اتوبيس فى عام 1977 اى بعد نصر أكتوبر و فى آيام الإنفتاح, لا مشكلة إقتصادية و لا مبارك, كما ان الشعب المصرى "المحتل بطبعه" واجه ظروف إقتصادية طاحنة منذ وفاة تحتمس الثالث (أعظم من حكم مصر) إلى يومنا هذا, لم نسمع عن تحرش حتى فى أحلك العهود جهلاً وخرافات جنسية و هو العهد الفاطمى العفن.
و فى نهاية الأسباب يأتى الوازع الدينى و ملابس السيدات, لن أتحدث عن ملابس المرأة المتحرش بها التى تبدأ بالنقاب لتنتهى بالفستان الفصير, حتى نفاجأ بالتحرش داخل الحرم المكى ! فهل هناك وازع دينى على وجه الأرض أقوى ممن يملكه أناس صدقوا ما عاهدوا الله عليه؟ هل هناك نساء أحشم فى أى مكان أكثر من هناك؟
الإجابة ليست "تونس", الإجابة هى "الخليج" ظهر التحرش فى مصر بعد سفر المصريين لتعميير دول صحراء بترول الخليج, لا التحرش فقط, بل كل ما سميناه بأخلاق الفقر, من شح فى الشهامة و الأصالة التى إمتاز بها الشعب المصرى عن غيره من الشعوب, شح فى الأناقة فى المعاملة قبل المظهر, شح فى مد يد المساعدة للآخر, إنها أخلاق متفشية فى المجتمع الخليجى بشكل ملحوظ, مجتمع نقله البترول من شئ إلى أشياء, فالأعراب أشد كفراً و نفاقاً, لا شك أن بينهم أناس رائعون و لكن يغلب عليهم ما غلب على مجتمعنا منذ تعميق العلاقات معهم ,لنضيف عن ما قاله الأجداد "المال السايب يعلم السرقة" إضافة هامة و المال السهل يعلم الإنحراف.
No comments:
Post a Comment