عزيزى الحكيم
تحية حب و سلام من كوكب لا يعرف السلام ! إنها اول رسالة اكتبها إليك, و لكنها ليست الاولى لك, فكم من مرة تمنيت ان ألقاك و اجلس معك على ضفاف النيل نتحدث و نتأمل فى حديث بعيد عن الحب, و لكنه فى الحقيقة هو الحب نفسه, عندى يقين ان الحب لا يأتى بقرار , و لكنه يأتى بعد مفاوضة مع الافكار, ليس لى ُمنى ان تفهمنى , فإن كنت بين أحياء زمنى لكنت شاركتنى مفاوضات الحب على ضفة النيل التى شهدت آيام حزنى و سنوات احلامى, و لكن حال بينى و بينك الزمان ! اتعلم انك اول من علمتنى ان اصغى لصوت الزمن و إن كان صوتى يعلو فوق كلمته فى كثير من الاحيان؟ عندما عادت براكسا الى القبر, و عندما عاد اهل الكهف الى خالقهم, تعلمت من نصك الرفيع ان للزمن كلمته قبل ان تكون له ريشة عابثة بوجوهنا عند الكبر, انت الوحيد القدير بالحديث عن الزمن و السرعة ! تحدثت إلى عصاك فى الأربعينات من الفرن العشرين متعجباً من سرعة الأشياء وسباق سكان الكوكب على السرعة نفسها, فالسرعة اصبحت هى الغاية و ليست الوسيلة, فماذا عنا الآن؟ لو رأيت الارض الآن لما ادركت كيف وصل سباق السرعة بالناس, لا أدرى من الفاعل و من المفعول به, فكلما رأيت وجوه الأحفاد و أجدادهم, وجدت شيئاً من العجلة فى وجوه الأطفال, و أيقنت الواناً من الهوادة فى وجوه الكبار..لا أدرى ماذا حدث؟ و لماذا حدث أيضاً؟ فهل فى سرعتنا غاية للشيطان؟ إستناداً لما نُقِل عند محمد (عليه افضل الصلاة و التسليم) ان العجلة من الشيطان , ام ان هذا علم ينفع الناس؟ و هل نفعهم فعلاً؟ ام فتنهم؟ لا أدرى , فالأمر يحتاج لعقلك النابض و قلبك الراجح لإشعال مفاوضة حب جديدة بينى و بينك .
تغيرت الظروف و الأحوال, فالإنسان لم يصبر على نوع واحد من انواع الذهب, فآتى البترول ليصبح الذهب الأسود, اعلم انك لحقت زمن البترول, و لكنك لم تعاصره و لم تعايشه, لم تر دول الصحراء سابقاً التى اصبحت حاضرات العصر ببنايات شاهقة و مظاهر مليئة بالفخامة خاوية المعنى, لقد علمنى التاريخ ان وراء كل طاقة, حروب و ثورات, و لكن فى عصرى (عصر طاقة البترول) إختلطت الحروب بالثورات, ليتشكل مزيج من "العكننة و قلة المزاج" لأننى مواطنة: اى لا املك من أمرى سوى حق الإنسياق و راء عبارات براقة, و روابط عنق انيقة حول حناجر تهتف بالديموقراطية...لا عليك من هذا العبث, و لكنى اتمنى ان تُفسر لى علاقة الإنسان بالطاقة, أفكلما إكتسب طاقة, حارب و دمر؟ و إن كانت العلاقة هكذا , فليضرب الجميع امه بعد الغداء و إكتساب ما فى طعامه من طاقة.
لقد ادركتك رحمة الله ان انهى رحلتك فى هذا الكوكب الأرضى, و إلى ان ألقاك لك منى رسالة حب بلا عبارات حب.
الدوحة
قطر
ديسمبر 2012
No comments:
Post a Comment