اللوحة الاولى : و هكذا يحكى حسام عن نفسه...

اللوحة الثانية: خارج نطاق الخدمة...
"كيف كنت انام و احلم و انا رجل قاسى القلب؟ كيف كنت اكذب بهذا الشكل لأخفى عيوبى قبل اخطائى؟, اخبرنى جدى (رحمة الله عليه) ان من يكذب لا يستطيع ان ينام, فالشر و النوم لا يجتمعان, و لكنى يا جدى على عكس ما كنت تقول تماما, فبعدما جربت الصدق فى هذه الآيام انا الآن لا انام, انا دائم التفكير و الإنشغال بالماضى و ليس المستقبل, تذكرت يوم زفافى و موقف امى من رفضها الحضور إذا حضر ابى, و كيف حضرت مرغمة (بعد ان هددتها بالقطيعة) مع زوجها و اولادها , و رفضت حتى ان تسلم على عبير لصلة قرابتها بأبى, اما ابى فليته ما كان حضر ! لقد جاء من امريكا برفقة صديقته الامريكية فقط ليمر امام طاولة امى و عائلتها الجديدة و يرفع اصبعه الوسطى فى وجه امى و زوجها, ربما كان لأمى سببا واهيا لكى لا تسلم على عروسى, بينما تاهت من أبى الاسباب, أبى الذى لم يلتقط معى صورة واحدة و اكتفى بإلتقاط صور تذكارية لصديقته الامريكية مع الراقصة .
فى طفولتى و شبابى كنت الوحيد بين اصدقائى الذى لم يذهب بخياله معهم متخيلا اسما لابنه او لبنته, كنت اتخيل نفسى فقط جد ! ارجعت ذلك الخيال الجميل لحبى الحقيقى لجدى, و لكن فى الواقع الغائب فى الماضى و الحاضر الآن, انه كان امرا طبيعيا انا ارى نفسى جد لأنى لم اعرف للآباء توصيفا عملياً, لم اعرف كيف هو الزوج؟ علاقتى بالمودة و الرحمة هى آية قرآنية تتحدث عن صفة الزواج الجميلة, حقاً فقدت الكثير لذلك اعطيت زوجتى القليل.
حثنى جدى كثيرا ان احاول ان اكتب اى شئ, فقد كان (رحمة الله عليه) كاتباً و قصاصاً بارعاً و ثرياً ايضاً , ترك لى حناناً و اموالاً و شهرة, فآفة مجتمعنا ان الفنان التشكيلى لا يُعترف به إلا بعد بلوغه الستين, و لكن بفضل شهرة جدى كنت مشهوراً فى الثلاثين, و لكنى الآن اغلقت هاتفى و تلفازى, و تفرغت للجلوس فى مرسمى ارى لوحات الماضى و اكتبها بتجربة الحاضر, تجربة الصدق و الوحدة, فياليتنى كنت صادقا مع الناس ! جاء الصدق ليقدمنى فريسة للوحدة."

"انا لا اعرف ان اكون زوجاً او أباً, اعرف فقط ان اكون جداً, فأنا الآن جد بلا احفاد, و بالطبع ليس لى ابناء ليسألوا على, فكانت دار المسنين هى المأوى...نعم انا الآن نزيل فى إحدى دور المسنين, تنكرت فى لوحاتى للدخول الى هنا, كذبت بعد ان قررت الصدق, اخبرت مديرة الدار ان معرضى القادم سيكون مجموعة لوحات عن حياة كبار السن, فلن ازعج النزلاء...فقط سأجلس فى شرفة غرفتى و ارصد حياتهم و سأرسم فى صمت.
مر اسبوعا كاملا و انا لا احاول رسم اى شئ, بل التقط صور لأحد النزلاء يشبه جدى, و الغريب فى هذا الرجل انه دائما سعيدا راضيا و هذا نادر للآسف بين نزلاء الدار, فالمعظم مريض و الباقى حزين , أأذهب لأتحدث اليه؟ نعم سأنتظر السابعة صباحا لأقتبس من سعادته اثراً يحيى ما بداخلى من شباب تائه.
ما هذه الضوضاء و تلك الانوار التى ملأت الدار فى الرابعة فجراً؟ انا لا اصدق ما ارى؟ ان العجوز السعيد يحزم امتعته و معه شاب جاء ليأخذه, و لكن الرابعة فجرا!! يجب ان اذهب إليه فاللقاء ربما لن يتكرر
-"هو حضرتك ماشى؟"
-"ايوا يا فنان, بس كان نفسى اشوف لك اى رسمة قبل ما امشى."
-"حضرتك ممكن تدينى رقم تليفونك اكلمك تيجى تحضر المعرض."
-"للآسف انا مش راجع مصر تانى, مسافر مع ابنى المانيا."
-"طب ممكن سؤال, هو الاب و الزوج الكويس بيبقى ازاى؟"
فدخل العجوز الى غرفته و اخرج خمسة مجلدات لحسام و قال : "طول عمرى بكتب مذكراتى و انا مش عارف ليه؟, اديتها مرة لإبنى عشان يستفيد من اخطائى و تجاربى, مارضيش قال لى ما انا عيشتاها معاك كلها, دلوقتى بس عرفت ان اللى كنت بعمله كان لى قيمة, دى ليك, اقراها هتعرف كل حاجة."
اللوحة الرابعة: إن نفعت الذكرى...

نعم..عاد ابنه بعد ان قرر ان يستقر فى شركة طيران محلى بالمانيا و جاء و اخذ والده معه هناك, و فتحت له ابواب الدار فى الرابعة فجرا بعدما قال لمديرة الدار "مقدرش ابقى فى مصر دقيقة من غير بابا" .
كم احب هذا الرجل الذى اسعد كل من حوله , كان دائما يرى ما يسعد الآخرين ليفعله فقال فى مذكراته: لو اسعدت من حولك فسوف تسعد, الناس كأى مادة طبيعية خلقها الله, فكما درسنا فى الفيزياء ان الجزيئات تتحرك من الموضع الاعلى ضغطاً الى الموضع الاقل ضغطاً, فأنا جربت هذا المنطق مع زوجتى و ابنى حتى وصلنا الى الإستقرار, و لا بأس من التنازل احياناً, فالضغط الذى تشعر به عندما تتنازل هو اقل بكثير من الضغط الذى يولد إنفجار الآخرين و تبعاته من طاقة سلبية و مشاكل و إحباطات ان لم تتنازل قليلا من اجل اشخاص تحبهم.
لو كنت قرأت من قبل هذا الكلام الطيب, لكانت حياتى اختلفت تماماً, و لو كان ابى و امى على علم بهذا ايضاً, ما كان كل هذا العداء حدث, اعتقد ان جدى كان لديه شئ من تلك الحكمة و لكنه لم يقصها علينا, رغم انه كان اديباً...نعم فالذكرى تنفع كل النفع !"
اللوحة الخامسة: يحسبوه ازاى عليا؟

اتصلت بدليل التليفونات و سألت عن هاتف باسم رفعت عبد الجواد, و بالفعل وجدت له على رقم هاتف, لترد على اجمل صُدفة حياة و صدفة قلب, انها صدفة رفعت عبد الجواد سيدة قلبى منذ تلك اللحظة و حتى لحظات قادمة, لها نفس ظروفى من انفصال سابق و رغبة فى تجديد الحياة و الحب الحقيقى, و الاهم الصراحة و المصالحة.
لم يكن فى نيتى او حتى فى خيالى ان اجد سيدة احلامى صدفة و انا اسأل عن صديق قديم لجدى رغبة فى احياء ذكرى جدى الحبيب, و لكن منذ ان حدثتها و طلبت رؤيتها و انا اعتبر هذا اليوم هو يوم ميلادى فما مضى من العمر لا يُحسب ابدا, فتعلمت ان العمر يبدأ بلحظة الصدق و الإخلاص, و بعد زواجى من صدفة قلبى تمنيت ان اجد لى ابناً فى اليوم التالى لزواجنا, ليس كالسابق كنت اجبر عبير على تأخير الإنجاب لأسباب واهية كنستمتع بحياتنا, انا غير مستعد للأبوة الآن, ففى هذا اليوم علمت ان عقدة إنفصال ابى و امى قد ذابت فى بحر العسل مع صدفة التى أتت للحياة صدفة بعد ان جاوز والدها الخمسين.

"الى ابنى الغالى المنتظر, و الى كل انسان, لا تبخل بتجربتك على الآخرين, اكتب خطاياك و رغباتك و انفعالاتك فسيأتى يوما ينتفع بها قريب او بعيد, و هذا هو الميراث الإنسانى للرقى و التعلُم.
كتابى الاول و الذى لن يكون الأخير بإذن الله تعالى, هو" فنان تشكيلى و اشكى لك", لأنك عزيزى القارئ ستجد فى الصفحة اليمنى صورة للوحة من لوحاتى و هكذا انا تشكيلى, و فى الصفحة اليسرى ستجد ملخص التجربة التى اخرجت هذه اللوحة و هكذا انا اشكى لك, فربما تأتى الاحزان لتخرج اجمل ما فينا من إنسان."
الان من دار رعاية المسنين بالقاهرة نقدم لكم افضل خدمات رعاية بكبار السن و توفير برنامج رعاية كامل بهم من حيث الأكل الشرب و النوم و الرعاية الشخصية
ReplyDeleteحيث نعمل مع أفضل جليسة مسنين بالقاهرة و التي تتمتع بخبرة عالية في التعامل مع كبار السن و توفير كل ما يحتاجون اليه
كما نقدم لكم خدمة رعاية المسنين بالمنزل مصر و هذا لضمان الافضل لهم اينما كانوا