ليست هى القرية رغم انه نفس المكان، ليسوا هم اهلها رغم انهم نفس الأجساد، فلحظة حياء الشمس قبل أن تشرق فى السابعة صباحاً تحولت الى لحظة حزن و فراق و كأن الشمس لا تريد ان تنير الوجوه فى هذا اليوم !
توضأ بعد صلاة الفجر و استعد للإبتسام فى الوجوه الهزيلة التى خدشتها شوكة الفقر لأعوام قبل أن يأتيها هذا العمدة الذى دعا الى الأمر بالمعروف و النهى عن المنكر.. وقف فى بيته وسط تلاميذه غير مكترث بالوداع أو بصمت العيون و دموع الفراق، بل كان يحصيهم عدداً، فإنه ذاهب و هم باقون، سيرحل و يترك بدلاً منه خمسة من ورثة العلم أو الكفر كما أشاع العمدة فى القرية: أن هذا العالم الذى كان يحلم بالعلم يكسو الارض بدلاً من الفقر، إنما هو مجرد كافر يأمر بالكذب و الضلالة و يريد أن يلهى العباد عن الدين بدعوى "تعلم"!
جاء الخفر الى بيت العالم و جروه جراً نحو المقصلة الشعبية ليشهد الشعب مصير الكافر، و كفطرة اللحظة ..فهى العجيبة التى من الممكن ان ترفعك الى عنان السماء او تحرقك بجمر الحسرة و الخيبة، فطالما ما جاء هؤلاء الخفر ليصحبوه فى موكب عظيم الى نفس ساحة المقصلة و لكن ليخطب فى الناس عن دولة العلم المنشودة التى ستذبح الفقر قبل ان يفترسهم، و لكنه كان هو اول الضحايا فبعد ان أتم العمدة مراده من مغازلة الشعب بالوهم الكبير و نجح فى السيطرة على أراضى الفلاحين بحجة تأميمها و استغلال ريعها لإكمال المشروع العلمى، اكتشف ان العالم كافر !! لابد ان يُعدم و يُنفى ذكره من الوجود، و بهذا هان العالم على الناس فقد نهبت أراضيهم بزعم العلم و قد تحملوا، و لكنهم لن يتحملوا كفراً آخر فوق كفر الجوع.
وصل الكافر المتوضئ الى المقصلة ليلقى عذابه، و لكنه كان سارح فى الوجوه "اين تلميذى السادس؟ " فإن مات فكره فهو باقٍ فى ستة عقول ربما تنجح فيما فشل فيه، و ظن أغلب الظن انه لم يستطع حضور مثل هذا اليوم، فهذا التلميذ بالرغم من قوته البدنية المهابة إلا انه رقيق المشاعر كعصفور يغرد شجناً، و فجأة يتمثل التلميذ القوى امام العيون فى مشهد عجيب ليقوم بدور الفاعل و الراقص الوحيد على مسرح الإعدام، فلم يجد العمدة اقوى منه ليعدم سيده العالم، نظر العالم بحسرة فى عين تلميذه و هو يوارى منه نالنظرات.. و هو يعد عدة الموت، و دار الحوار الصامت الذى تسمع صوته العيون
- لماذا فعلت هذا يا بنى؟
- سامحنى سيدى فقد كان جوعى و عوزى أكفر من الكفرذاته الذى نعتوك به.
- ارتاح يا بنى لن أشق عليك او على نفسى ...فسأفعلها وحدى.
و قبل أن يضع التلميذ رأس العالم على المقصلة، إذا بالعالم ينفلت و ينساب من بين الأيدى و يتوقف قلبه فى هدوء عن كفاح كفر البطون و جهل القلوب و صمت العقول، فيقع على الأرض فى خشوع ناطقاً الشهادتين.
وصل الكافر المتوضئ الى المقصلة ليلقى عذابه، و لكنه كان سارح فى الوجوه "اين تلميذى السادس؟ " فإن مات فكره فهو باقٍ فى ستة عقول ربما تنجح فيما فشل فيه، و ظن أغلب الظن انه لم يستطع حضور مثل هذا اليوم، فهذا التلميذ بالرغم من قوته البدنية المهابة إلا انه رقيق المشاعر كعصفور يغرد شجناً، و فجأة يتمثل التلميذ القوى امام العيون فى مشهد عجيب ليقوم بدور الفاعل و الراقص الوحيد على مسرح الإعدام، فلم يجد العمدة اقوى منه ليعدم سيده العالم، نظر العالم بحسرة فى عين تلميذه و هو يوارى منه نالنظرات.. و هو يعد عدة الموت، و دار الحوار الصامت الذى تسمع صوته العيون
- لماذا فعلت هذا يا بنى؟
- سامحنى سيدى فقد كان جوعى و عوزى أكفر من الكفرذاته الذى نعتوك به.
- ارتاح يا بنى لن أشق عليك او على نفسى ...فسأفعلها وحدى.
و قبل أن يضع التلميذ رأس العالم على المقصلة، إذا بالعالم ينفلت و ينساب من بين الأيدى و يتوقف قلبه فى هدوء عن كفاح كفر البطون و جهل القلوب و صمت العقول، فيقع على الأرض فى خشوع ناطقاً الشهادتين.